الجمعة، 30 يوليو 2010

محنة بيدرو غونزاليس - القبس - 29/7/2010


جلس بيدرو غونزاليس في مقهى صغير من مقاهي قرية سالسا في جمهورية الموز يحتسي التكيلا المكسيكية بهدوء ويفكر في حالته البائسة، حتى غط في نوم عميق، أو قل هو موت مؤقت، فهو إن نام من أثر الشراب، لا يشعر بما يدور حوله من ضجيج وصياح رواد المقهى، وهو لا يقدر على مقاومة النوم وخاصة إذا كان ارتوى من الشراب، وقد أكثر اليوم، حتى كاد أن يصل للدودة في قعر الزجاجة.
وبينما هو في نومه، يحلم أحلاما وردية، لا تعكس واقعه مطلقا، دخل المقهى أحد أقارب رئيس الحكومة في جمهورية الموز، محاطا بكوكبة من حماية الشخصيات والأصدقاء والصديقات، فانتبه الجميع لدخولهم، ووقفوا احتراما لمقدم قريب الحكومة الكريم، وتوقفت الحركة تماما في ذلك المقهى، وساد المكان صمت عميق، لم يكن يُسمع فيه سوى شخير بيدرو غونزاليس الذي لفت انتباه ذلك القريب، ولفت أيضا انتباه نادل المقهى الذي حاول ايقاظ بيدرو مرة برفسه خفية ومرة أخرى بقرصه على ذراعه ووجنته وأذنه، ولكن لا حياة لمن تُنادي، فبيدرو لم يكن يشعر بأي شيء، نظر قريب رئيس الحكومة لبيدرو، ثم همس لمرافقه، الذي همس له هو الآخر، ثم خرج الموكب كما دخل.
تنفس الجميع الصعداء، وأسرع جزء منهم مهرولا لمنزله خائفا، بينما عاد جزء لمتابعة ما كان يفعله قبل دخول قريب الحكومة، وتجمع الجزء الأخير حول بيدرو يُحاولون ايقاظه بشتى الطرق حتى أفاق أخيرا بعدما سكبوا سطلا كبيرا من الماء البارد على رأسه، نظر بيدرو للجميع مستغربا تجمعهم حوله، فشرحوا له جنايته الكبرى، وجريمته التي لا تُغتفر، لم يُصدق بيدرو حديثهم في البداية، لكن حين زال أثر الشراب، وتأكد من صدق لهجتهم، صدقهم، ولكن ليتهم كانوا يمزحون، صفع بيدرو نفسه عدة صفعات يعاقبها على استغراقها في النوم في لحظة دخول الضيف المهم، لكن هذا لم يكن سوى شيء بسيط أمام ما قاله له رواد المقهى فيما بعد، فقد أخبروه بأن الضيف قد سأل عنه مرافقه الذي أخبره باسمه وعنوانه، فمواطنو قرية سالسا معروفون جميعا بالاسم والعنوان، هنا زاد بيدرو من قوة الصفعات على وجهه، التي تحولت للطم عنيف ونحيب مزعج، حتى أوقفه أصدقاؤه، وتعاونوا على تقييده كي لا يقتل نفسه صفعا ولطما، وهدأوا من روعه، وخففوا عليه مصيبته، رغم أن مصيبته كبيرة، وأخبروه في محاولة منهم للتسرية عنه بأن مدير المخابرات سيطلبه لا محالة، ليوقع به أشد انواع التنكيل والتعذيب، نتيجة لعدم احترامه للوجهاء، وأخبروه بأن التعذيب القاسي الذي سوف يلقاه لا يُعادل شيئا أمام الإهانات التي سيتلقاها في بيته حين يقتحمون عليه داره وهو نائم، ويشبعونه ضربا وإهانات أمام زوجته وأبنائه، قال رفاقه ذلك وهم في نيتهم التخفيف عنه وتنبيهه.
قضى بيدرو ليلته تلك في حالة يُرثى لها من الرعب، لم يغمض له جفن، وبقي ساهرا بانتظار رجال المخابرات كي يقتحموا داره ويقتادوه للعاصمة مكبلا ومُهانا، ليمثل أمام مدير المخابرات، ولم يخبر زوجته بالأمر، بل كتم مصيبته في قلبه وصمت.
وانقضت أول ليلة، ولم يأت أحد لاعتقال بيدرو، وفي الليلة الثانية، تشاجر مع زوجته، بسبب سوء حالته النفسية، وارهاقه لعدم نومه ليلة كاملة، وزوجته التي لا تعلم عن مصيبته تُطالبه بالخروج والعمل كالرجال، فكان يرفض متعللا بالتعب والإرهاق، بينما هو في الواقع كان يخشى أن يخرج، خوفا من أن يأتي رجال المخابرات فلا يجدوه، فيضطروا للحضور ليلا وجره أمام زوجته وأولاده، لذلك كان يُفضل أن يعتقلوه نهارا حين لا يكون أهل بيته نياما، وذلك تحاشيا لإرعابهم.
وفي الليلة الثانية، لم يأت. أحد ايضا، وكان الإرهاق قد بلغ منه كل مبلغ، فهو لم ينم لليلة الثانية، منتظرا رجال المخابرات، وقد تصاعد النزاع بينه وبين زوجته فخرجت غاضبة منه إلى بيت والدتها وأخذت الأولاد معها، وكم كان هذا التصرف مريحا له، فهو الآن جاهز للاعتقال، ولن يُشاهده أحد وهو يتلقى الإهانات والصفعات في منزله.
وانقضت الليلة الثالثة، وبيدرو لا يزال ساهرا لم يلامس النوم جفنيه، ومع ذلك فلا أثر لرجال المخابرات، وهذا التأخير في حضورهم أتاح له الوقت الكافي للتفكير، فقرر ألا يجلس قي بيته ببيجامته أو بأي ملابس خفيفة، خشية أن يعتقلوه، ويسحبوه وهو مرتديا ملابس المنزل الرثة، فقرر أن يرتدي بذلته الرسمية ولا ينزعها مطلقا حتى انتهاء اعتقاله واستلام حصته من التعذيب والتنكيل لدى رجال المخابرات.وفي الليلة الرابعة، كان بيدرو يتخبط في داره، ويتجول كالمخمور من شدة الإرهاق، فهو لم ينم منذ ثلاثة أيام منتظرا وصول رجال المخابرات، وأصبح اصطدامه بحوائط داره شيئا اعتياديا، والهذيان صار رفيقه، فكان يقف ببدلته الرسمية على الكنبة، أو يتحدث مع الثلاجة مداعبا، أو يقف مستندا برأسه على الحائط كي لا ينام، لأنه إن نام فقد يأتيه رجال المخابرات بغتة وهو نائم.
ومرت الليلة الرابعة ثم الخامسة فالسادسة، وبيدرو يُقاوم النوم، ويُحاربه بكل ما أوتي من قوة، وأخيرا قرر أمرا.
في القطار المتجه للعاصمة، أغمض بيدرو عينيه، مستمتعا بالنوم الذي حُرم منه ستة أيام، نام وهو يعلم بأن رجال المخابرات لن يعتقلوه وهو في القطار، وان فعلوا ذلك واهانوه، فهنا لا يعرفه أحد، ولن يشعر بأي احراج.
أطلق القطار صافرته معلنا وصوله للعاصمة، وتطوع أحد المسافرين بايقاظ بيدرو الذي كان يغط في نوم لا يخلو من احلام المخابرات واستجوابهم له وتعذيبه.
خرج بيدرو من محطة القطار، واستقل التاكسي طالبا منه التوجه لإدارة المخابرات، وأعجبه الشعور بالتعالي والقوة حين شعر بأن سائق التاكسي قد توجس منه خيفة، وازداد ذلك الشعور تعاليا وغطرسة حين رفض السائق استلام الأجرة منه.
توجه بيدرو لمكتب مدير المخابرات مباشرة حين وصوله لمبنى الإدارة، ودخل على المدير بلا استئذان، رغم محاولات السكرتيرة لمنعه.
نظر مدير الاستخبارات لبيدرو مشمئزا، ثم أشار للسكرتيرة بالخروج، وطلب من بيدرو الجلوس، الذي رفض طالبا من المدير سماعه أولا، هز المدير رأسه مبتسما، وانتظر من بيدرو أن يتكلم، أغمض بيدرو عينيه ثم فتحهما بسرعة وهو غير مستوعب أنه أمام مدير مخابرات جمهورية الموز، ثم رتب أفكاره بسرعة وقال:
ــــ سيدي، أنا بيدرو غونزاليس، بالتأكيد سمعت عني... كنت أنتظر رجالكم منذ ستة أيام كي يعتقلوني، لكنهم لم يأتوا، سيدي، لقد طردت زوجتي وأولادي خشية أن يروني معتقلا ومُهانا، وارتديت بذلتي الرسمية كل هذه المدة لا أنزعها بانتظاركم، حتى اني كنت أدخل الحمّام بها، ولم أنم منذ ستة ايام، ومع ذلك لم يظهر أحد من رجالكم... سيدي، أرجوكم اعتقلوني، وعذبوني، كي أخلع هذه البذلة، وأستطيع النوم كما اعتدت سابقا، سيدي أرجوك اعتقلني وعذبني كي أرتاح وأعيد زوجتي وأولادي فقد اشتقت إليهم، سيدي أرجوك اعتقلني وعذبني كي أخرج للبحث عن عمل... سيدي أرجوك اعتقلني وعذبني.
نظر مدير المخابرات لبيدرو نظرة مريبة وصرخ به:
ــــ هيه... هل أنت مجنون؟!!!
صاح بيدرو بمدير المخابرات:
ــــ نعم أنا مجنون... مجنون لأني انتظرتكم طوال هذه المدة ولم يظهر أحد... والآن يا سيدي... أرجوك اعتقلني... ثم أرسل رجالك ليعلقوني في المروحة، وليجلدوني بسلك الكهرباء كي أستطيع النوم.. أرجوك سيدي...
هنا اقترب مدير المخابرات من بيدرو، ووجه له صفعة عنيفة أدارت له رأسه، ووضعت أثرا على وجهه، ثم صاح بمعاونيه أن يخرجوا هذا المجنون من مكتبه.
وفي تلك الليلة، عاد بيدرو إلى داره يرقص ويغني، فرحا، مرتاح البال، فمدير المخابرات صفعه فقط، ولم يعذبه ويقتلع أظافره، دخل داره سعيدا، فنزع بذلته، وارتدى بيجامته، ثم نام كما لم ينم طوال حياته، رغم أن اصابع مدير المخابرات لا زالت آثارها واضحة على صفحة وجهه اليسرى.
بدر محارب

الأربعاء، 21 يوليو 2010

ثقافة الحرية و العبودية


ثقافة الحرية و العبودية

عندما قال العبد لسيده : لقد غيّرت رأيي.. لا أريد حريتي!

في القرن التاسع عشر كانت السفن الكويتية تمخر البحار وتعبر المحيطات للتجارة والبحث عن لقمة العيش، حتى وصلت الى سواحل القارة الهندية في آسيا، وعادوا منها محملين بالتوابل والأخشاب والعطور، ثم اتجهت سفنهم الى أفريقيا وسواحل زنجبار والصومال ومدغشقر وممباسا وعادوا منها محملين بالبضائع النفيسة والعبيد.

كان آدم من عبيد أحد الشيوخ، وقد ترعرع في بيت الشيخ حتى تزوج وانجب اطفالا، عاشوا جميعا في كنف الشيخ كافراد، وإن ظلوا عبيدا.

على الجهة المقابلة لبيت الشيخ، كان يقع البيت الكبير للتاجر المعروف عبد اللطيف، الذي كان من اخلص رفاق الشيخ، وكان من عادة التاجر عبد اللطيف أن يخص الشيخ بهدية، في كل مرة تصل بضاعته من الهند أو السند او أفريقيا، لكنه هذه المرة قدم للشيخ هدية رائعة عبارة عن سيارة جميلة، لا مثيل لها في المنطقة.

فرح الشيخ بالسيارة، وخرج بها عدة مرات مزهوا وفخورا بهذه الآلة الحديدية التي لم ولن يجود الزمان بمثلها، لذلك قرر الشيخ رد الهدية للتاجر الصديق، ومكافأته، فناداه ذات يوم وأخبره بأنه سيهديه أحد عبيده الأشداء، واختار له العبد جوهر الابن البكر للعبد آدم، شكر عبد اللطيف الشيخ وخرج ومعه عبده الشاب جوهر، سعيدا بتلك الهدية الغالية في معناها، وهو رضا الشيخ عليه، بينما كانت أم جوهر تختلس النظر من بعيد لابنها وهو يغادر المنزل، ودمعة سخينة تتحدر على وجنتها، مسحها آدم أبو جوهر الذي كان يقف خلفها يُتابع رحيل ابنه، وسحب زوجته للداخل.

عاش جوهر في المنزل الكبير للتاجر عبد اللطيف سنين طويلة، كبر وصادق أبناءه، حتى حانت منية عبد اللطيف، وتوفاه الله تاركا لأبنائه ثروة طائلة وعددا من المنازل الكبيرة، وقلة من العبيد.

تقاسم أبناء عبد اللطيف ثروة والدهم واملاكه، وكان العبد جوهر من نصيب الابن الأكبر محمد الذي استمر على عادة والده باهداء الشيخ كل جديد من بضاعته الآتية من آسيا وافريقيا، مما كان ينال رضا الشيخ دائما.

كان جوهر دائم الالحاح على سيده محمد بأن يعتقه ويحرره، أسوة بكثير من العبيد في البلد، ممن أعتقوا وتسموا بأسماء سادتهم، واصبحوا أحرارا، يُديرون حياتهم بأنفسهم، بلا أوامر من أحد، او تشغيلهم كعبيد سخرة بلا مقابل أو أجر.

كان محمد يستمع لعبده، ويبتسم ويؤجل اعطاءه حريته بكلمتين «يصير خير»، واستمر إلحاح جوهر، ومماطلة محمد عدة سنين حتى كان ذلك اليوم الذي استدعى فيه الشيخ التاجر محمد.

أسرع محمد يتبعه عبده جوهر للشيخ، وما أن مثل محمد بين يدي الشيخ، حتى صاح به الشيخ:
كيف تجرؤ يا محمد على بيع أخشابك بأسعار أرخص من اسعار الأخشاب التي أبيعها؟ هل تريد خسارتي وإفقاري؟ هل تتآمر علي؟

رد محمد بارتباك وهو يرتجف من الخوف: صدقني ياشيخ لم أكن أعلم باسعار أخشابك طال عمرك.. اعذرني واسمح لي وامسحها بلحيتي.. حقك علي يا طويل العمر.. وانت تامر وآنا حاضر وتحت أمرك. نظر الشيخ لمحمد المذعور وابتسم : احرق كل الأخشاب الموجودة لديك.. لا اريد منافسا لي..

هز محمد رأسه بخضوع وخنوع: حاضر طال عمرك.. من اليوم.. بل من هذه اللحظة سأحرق كل الاخشاب الموجودة في مخزني..

نظر إليه الشيخ بازدراء وقال: انتظر.. لدي فكرة أخرى..

هز محمد رأسه مرة اخرى مبتسما رغما عنه وقال: أنت تامر طال عمرك..

طفح البشر والرضا على وجه الشيخ وهو يقول: بدلا من حرق أخشابك.. واهدارها.. وتلويث الجو بالدخان وتلويث الارض بالرماد الاسود الكالح.. أرسل عمالك لنقل كل أخشابك لأخشابي.. وهكذا تنال رضاي..

صاح محمد بفرح: ونعم الراي طال عمرك.. الآن سأرسل عمالي وسينقلون لك كل الأخشاب.. ما يهمني طال عمرك هو رضاك فقط.. واتجه محمد مسرعا إلى الشيخ وقبل راسه وأنفه وخرج مهرولا وخلفه عبده جوهر الذي أخذ يهرول خلفه محاولا الإمساك به، حتى نال التعب من التاجر محمد، فتوقف قليلا وهو يلهث، ونظر إلى عبده جوهر الذي وصله وهو يلهث أيضا.. وقال لعبده:
ما رأيك ؟ لقد أحسنت صنعا في ردي على الشيخ..

نظر جوهر الى سيده نظرة تحمل الكثير من الشفقة.. وهز رأسه ساخرا وقال:
عمي.. لقد غيّرت رأيي.. لا أريد حريتي..
فما أراك إلا أكثر عبودية مني..
هل رأيت يا عمي في حياتك عبدا يطلب الحرية من.. عبد ؟!!!

القبس 21/7/2010

على من تقرأين مزاميرك يا رولا!


برز الثعلب يوما في ثياب الواعظينا

فمشى في الأرض يهدي ويسب الماكرينا

إنهم قالوا وخير القول قول العارفينا

مخطىء من ظن يوما أن للثعلب دينا

رولا دشتي ... كلاكيت ثاني مرة!


من عام 2008 والعمل جاري على قدم وساق لجمع المال لبناء المقر ،
فهبطت عليهم 3 ملايين دينار وهم لا يحتسبون!

ما يُخدم بخيل يا رولا دشتي!

أصبحت الأمور عندنا بين الحكومة والنوّاب تُدار بواسطة هات وخذ، وعلى عينك يا تاجر، وما يُخدم بخيل يا نائب، اخدمني وأخدمك، فبعد وقوف النائبة سلوى الجسار مع الحكومة في كل توجهاتها ، ووقوفها مع كل أخطاء الحكومة وخطاياها، ثم دفاعها المستميت والواهي عن وزير الداخلية في استجوابه وترحيبها بمراقبة هواتف النواب، تحت مبرر مثل شعبي "لا تبوق ولا تخاف" ، ضاربة عرض الحائط بالمبادىء، والخصوصيات التي كفلها الدستور، وبعد قولها المأثور أن "الفساد ظاهرة صحية"، وبعد حكمتها الأخرى " لا تسيّسوا السياسة"، قامت الحكومة وبكل اخلاص بمكافأتها على مواقفها المتخاذلة تجاه الشعب، بتعيين زوجها مديرا للهيئة العامة لشئون المعاقين.

ثم جاء دور مكافأة النائبة رولا دشتي والتي كانت في استجوابي وزير الداخلية، حكومية أكثر من الحكومة نفسها، ولو وظفت الحكومة جيشا من المحامين لما استطاعوا التفوّق على رولا في استماتتها في الدفاع عن وزير الداخلية، وطبعا كان أكثر دفاعها - إن لم يكن كله - واهيا وضعيفا، لأنها هي نفسها غير مقتنعة بما كانت تردده، ثم انتقلت إلى موقف آخر لتثبت للحكومة أنها ابنتهم المتفانية فحين طرح موضوع شراء الفوائد للتخفيف عن المواطنين، بدأت في شد شعرها، وطغى صراخها على الجميع حتى بُح صوتها، ، بل أن الحكومة حين لاحظت هستيريا النائبة رولا ووقفها ضد المشروع نيابة عنها، لم تكلف نفسها تبرير رفضها للمشروع، واكتفت بهستيريا رولا دشتي التي أخذت تجري من فضائية إلى فضائية أخرى ومن صحيفة إلى مجلة، وهي تولول رافضة المشروع بحجج واهية، كان يمكن دحضها من طفل صغير لا يفقه في الاقتصاد، لكنها كانت مصرة على التأكيد للحكومة أنها معهم على الحلوة والمرة، وكانت تقول للمواطن إذا مو عاجبك موقفي روح اشرب من البحر، وشرب المواطن من البحر، ووقف أعضاء الحكومة ورئيسها يصفقون بحماس منقطع النظير لابنتهم التي أحسنوا تربيتها، وكان لا بد من مكافأتها، فأرسل وكيل وزارة الشؤون لوكيل وزارة المالية يطلب منه الإيعاز لجهة الاختصاص لصرف مبلغ لاستكمال وبناء مقر الجمعية الاقتصادية الكويتية بقيمة 3000000 دينار كويتي ، نعم الرقم صحيح، ثلاثة ملايين دينار كويتي، وهو مبلغ لاستكمال، لا لشراء أرض ألفين متر مربع ثم بناءها، بل لاستكمال مقر الجمعية ، وهي للعلم، جمعية ذات نفع عام تترأسها النائبة الفاضلة رولا دشتي الحريصة على المال العام كما حاولت إيهامنا بذلك حين وقفت ضد موضوع شراء الفوائد للشعب المطحون.

مبروك يا رولا دشتي، فقد ضمنت انتخابك لأكثر من دورة في الجمعية الاقتصادية، ولن أتكلم عن المبلغ الذي سيتبقى من الثلاثة ملايين دينار، ولمن سيذهب، وأتركه لأولي الألباب.


مصدر الوثيقة الأصلي من صحيفة الآن الإلكترونية - تحرير مدونة دلق سهيل

الثلاثاء، 13 يوليو 2010

الأربعاء، 7 يوليو 2010

أيام الفرح

بمناسبة احتفال العالم هذه الأيام بكأس العالم عادت بي الذاكرة للعام 1974 وهو بالمناسبة ، العام الذي شهد دخول التلفزيون الملون إلى الكويت، وأتذكر أن أول نقل تلفزيوني ملون لتلفزيون الكويت كان نقله للمباراة الودية بين منتخب الكويت ومنتخب المغرب وكانت استعدادا لدورة الخليج الثالثة والتي أقيمت في الكويت وأتذكر أن منتخبنا قد فاز في تلك المباراة بنتيجة 2/0 ، ثم طافت بي الذاكرة إلى مباريات كأس العالم في تلك السنة ، وكانت في أيام الصيف في مثل هذه الأيام، وأتذكر أن المباريات في تلك الفترة كانت تُنقل على تلفزيون الكويت مباشرة ، ومن الأمور التي لا أنساها في تلك الفترة مشروع "الترويح السياحي" الذي كان يُشرف عليه الراحل صالح شهاب وكيل وزارة الإعلام لشؤون السياحة كما أتذكر، كان رجلا مجدا ، لا يكل ولا يمل، في سبيل انجاح برامج الترويح السياحي، والتي كانت تقدمها الدولة للمواطنين والمقيمين الذين لا يغادرون البلد في تلك الفترة الساخنة والملتهبة، فكانت تقام العروض للفرق الشعبية والفرق الفولوكلورية الزائرة في كل أنحاء الكويت وفي جميع مناطقها القريبة والبعيدة، وكانت مواقع العروض في الأماكن العامة كالحدائق بالنسبة للعروض المحلية الشعبية، وفي مسرح الأندلس للفرق العربية والأجنبية الزائرة.

في تلك الفترة، طرأ تغيير على برامج الترويح السياحي، فكأس العالم حدث كبير، لا يجب أن يمر مرور الكرام أثناء إقامة الترويح السياحي ، فتم شراء كميات كبيرة من أجهزة التلفزيون الملونة، وتوزعت تلك الأجهزة على الحدائق العامة، كي يُتابع الجمهور في الكويت تلك المباريات بالألوان، أثناء زيارته للحدائق العامة، التي كانت تستضيف الفرق شعبية ، فكانت فترة من الفترات التي لا أنساها ، وبما أني من سكّان منطقة الفيحاء العامرة، فقد كنت ومعي الأصدقاء، نتوجه مساء كل يوم مشيا على الأقدام إلى حديقة جمال عبد الناصر في منطقة العديلية الغربية (الروضة حاليا)، وكنا نلعب الكرة هناك ثم نتوقف لمتابعة مباريات كأس العالم بالألوان، وصوت الفرقة الشعبية يصدح في الحديقة.

وعند الحديث عن برامج الترويح السياحي، لا بد من الحديث عن عراب هذه البرامج وهو الأستاذ صالح شهاب، هذا الرجل الذي هاجمته الصحف في تلك الفترة، وسخرت من عمله لمحاولته الدؤوبة والجادة لتاسيس سياحة داخلية، فكتبت المقالات الساخرة في الصحف تنتقده وتستهزىء بما يعمله، وانتشرت الكاريكاتيرات التي كانت تهاجمه وتسخر منه في الصحف المحلية ، وأشهرها ما كان يرسمه الرسام الراحل أنور امين في مجلة النهضة وجريدة الرأي العام ، لكنه لم يهتم بكل ذلك وواصل عمله، بل وأقدم على فعل فاجأ الجميع ، وضرب أروع الأمثلة في وعيه ورحابة صدره واستعداده لتقبل الرأي الآخر، فهو لم يشتكِ تلك الصحف في المحاكم ولم يقاطعها، ولم يحوّل رسامي الكاريكاتير إلى النيابة ، فما فعله كان شيئا نادرا من الصعب فعله هذه الأيام، ويوضح الصورة التي كان يفكر بها رجال تلك الفترة، فماذا فعل؟

أقام معرضا فنيا يحوي كل الكاريكاتيرات التي سخرت منه ومن عمله، ودعى إليه الصحافة والتلفزيون وافتتحه بنفسه.

كانت أيام جميلة، وكان هناك رجال يعملون بصدق وجد وأمانة ، كالراحل صالح شهاب .


(الراحل صالح شهاب - يمينا- وهو يستقبل فرقة فنية زائرة للكويت ايام الترويح السياحي من موقع تاريخ الكويت)

(برامج الترويح السياحي في تلفزيون الكويت عام 1981 من موقع نايس كويتي)

بحث هذه المدونة الإلكترونية