الأربعاء، 7 يوليو 2010

أيام الفرح

بمناسبة احتفال العالم هذه الأيام بكأس العالم عادت بي الذاكرة للعام 1974 وهو بالمناسبة ، العام الذي شهد دخول التلفزيون الملون إلى الكويت، وأتذكر أن أول نقل تلفزيوني ملون لتلفزيون الكويت كان نقله للمباراة الودية بين منتخب الكويت ومنتخب المغرب وكانت استعدادا لدورة الخليج الثالثة والتي أقيمت في الكويت وأتذكر أن منتخبنا قد فاز في تلك المباراة بنتيجة 2/0 ، ثم طافت بي الذاكرة إلى مباريات كأس العالم في تلك السنة ، وكانت في أيام الصيف في مثل هذه الأيام، وأتذكر أن المباريات في تلك الفترة كانت تُنقل على تلفزيون الكويت مباشرة ، ومن الأمور التي لا أنساها في تلك الفترة مشروع "الترويح السياحي" الذي كان يُشرف عليه الراحل صالح شهاب وكيل وزارة الإعلام لشؤون السياحة كما أتذكر، كان رجلا مجدا ، لا يكل ولا يمل، في سبيل انجاح برامج الترويح السياحي، والتي كانت تقدمها الدولة للمواطنين والمقيمين الذين لا يغادرون البلد في تلك الفترة الساخنة والملتهبة، فكانت تقام العروض للفرق الشعبية والفرق الفولوكلورية الزائرة في كل أنحاء الكويت وفي جميع مناطقها القريبة والبعيدة، وكانت مواقع العروض في الأماكن العامة كالحدائق بالنسبة للعروض المحلية الشعبية، وفي مسرح الأندلس للفرق العربية والأجنبية الزائرة.

في تلك الفترة، طرأ تغيير على برامج الترويح السياحي، فكأس العالم حدث كبير، لا يجب أن يمر مرور الكرام أثناء إقامة الترويح السياحي ، فتم شراء كميات كبيرة من أجهزة التلفزيون الملونة، وتوزعت تلك الأجهزة على الحدائق العامة، كي يُتابع الجمهور في الكويت تلك المباريات بالألوان، أثناء زيارته للحدائق العامة، التي كانت تستضيف الفرق شعبية ، فكانت فترة من الفترات التي لا أنساها ، وبما أني من سكّان منطقة الفيحاء العامرة، فقد كنت ومعي الأصدقاء، نتوجه مساء كل يوم مشيا على الأقدام إلى حديقة جمال عبد الناصر في منطقة العديلية الغربية (الروضة حاليا)، وكنا نلعب الكرة هناك ثم نتوقف لمتابعة مباريات كأس العالم بالألوان، وصوت الفرقة الشعبية يصدح في الحديقة.

وعند الحديث عن برامج الترويح السياحي، لا بد من الحديث عن عراب هذه البرامج وهو الأستاذ صالح شهاب، هذا الرجل الذي هاجمته الصحف في تلك الفترة، وسخرت من عمله لمحاولته الدؤوبة والجادة لتاسيس سياحة داخلية، فكتبت المقالات الساخرة في الصحف تنتقده وتستهزىء بما يعمله، وانتشرت الكاريكاتيرات التي كانت تهاجمه وتسخر منه في الصحف المحلية ، وأشهرها ما كان يرسمه الرسام الراحل أنور امين في مجلة النهضة وجريدة الرأي العام ، لكنه لم يهتم بكل ذلك وواصل عمله، بل وأقدم على فعل فاجأ الجميع ، وضرب أروع الأمثلة في وعيه ورحابة صدره واستعداده لتقبل الرأي الآخر، فهو لم يشتكِ تلك الصحف في المحاكم ولم يقاطعها، ولم يحوّل رسامي الكاريكاتير إلى النيابة ، فما فعله كان شيئا نادرا من الصعب فعله هذه الأيام، ويوضح الصورة التي كان يفكر بها رجال تلك الفترة، فماذا فعل؟

أقام معرضا فنيا يحوي كل الكاريكاتيرات التي سخرت منه ومن عمله، ودعى إليه الصحافة والتلفزيون وافتتحه بنفسه.

كانت أيام جميلة، وكان هناك رجال يعملون بصدق وجد وأمانة ، كالراحل صالح شهاب .


(الراحل صالح شهاب - يمينا- وهو يستقبل فرقة فنية زائرة للكويت ايام الترويح السياحي من موقع تاريخ الكويت)

(برامج الترويح السياحي في تلفزيون الكويت عام 1981 من موقع نايس كويتي)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بحث هذه المدونة الإلكترونية